فصل: فصل في ذكر آيات الأحكام في السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى (7)} يعنى والخفىّ الذي حدّثت به نفسك ولم تسرّه إلى أحد، وقد بوضع افعل في موضع الفاعل ونحوه، قال:
تمنّى رجال أن أموت وإن أمت ** فتلك سبيل لست فيها بأوحد

وله موضع آخر من المختصر الذي فيه ضمير يعلم السّرّ وأخفى من السّر.
{بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (12)} يكسر أوله قوم وبضمه قوم كمجاز قوله:
ألا يا سلمى يا هند هند بنى بدر ** وإن كان حيانا عدى آخر الدّهر

وعدى ومن جعل طوى اسم أرض لم ينوّن فيه لأنه مؤنث لا ينصرف ومن جعله اسم الوادي صرفه لأنه مذكر، ومن جعله مصدرا بمعنى نودى مرّتين صرفه كقولك: ناديته ثنى وطوى، قال عدىّ بن زيد:
أعازل أن الّلوم في غير كنهه ** علىّ ثنى من غيّك المتردد

ويقول قوم: علىّ ثنى أي مرة.
{أَكادُ أُخْفِيها (15)} له موضعان موضع كتمان وموضع إظهار كسائر حروف الأضداد أنشدنى أبو الخطّاب قول امرئ القيس بن عابس الكندي عن أهله في بلده:
وإن تدفنوا الدّاء لا نخفيه ** وإن تبعثوا الحرب لا نقعد

أي لا نظهره. ومن يلغى الألف منها في هذا المعنى أكثر، وقال علقمة ابن عبدة وقال بعضهم امرؤ القيس:
خفاهن من أنفاقهن كأنما ** خفاهن ودق من عشىّ مجلّب

أي أظهرهن، ويقال: خفيت ملّتى من النار، أي أخرجتها منها وكذلك خفايا الركايا، تقول خفيت ركّية، أي استخرجتها.
{فَتَرْدى (16)} فتهلك، يقال: رديت، تقديرها، شقيت، وقال دريد، حيث تنادوا:
تنادوا فقالوا أردت الخيل فارسا ** فقلت أعبد اللّه ذلكم الرّدى

{وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي (18)} أي أختبط بها فأضرب بها الأغصان ليسقط ورقها على غنمى فتأكله، قال:
أهشّ بالعصا على أغنامى ** من ناعم الأراك والبشام

{مَآرِبُ أُخْرى (18)} واحدتها مأربة ومأربة، الراء مفتوحة ويضمها قوم، ومعناها حوائج وهى من قولهم: لا أرب لى فيها، أي لا حاجة لى.
{سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى (21)} أي خلقتها التي كانت عليها قبل ذلك وقد يجعلون أيضا بينها وبين الذي قبلها إلى، كقولهم لمن كان على شيء فتركه ثم عاد إليه وتحوّل عن هذا: عاد فلان إلى سيرته الأولى، قال: سمعت أبا زيد يقول: إلى إدرونه الأولى.
{وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ (22)} مجازه: إلى ناحية جنبك، والجناحان هما الناحيتان، قال:
أضمّه للصدر والجناح

{تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ (22)} أي تخرج نقيّة شديدة البياض من غير برص، والسوء كل داء معضل من جذام أو برص، أو غير ذلك.
{لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى (23)} مجازها مقدّم ومؤخر، أي لنريك الكبرى من آياتنا، أي من عجائبنا. ومجاز الكبرى: الكبيرة من آياتنا، وقع المعنى على واحدة.
{وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي (27)} مجاز العقدة في اللسان كل ما لم ينطلق بحرف أو كانت منه مسكة من تمتمة أو فأفأة.
{اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31)} أي ظهرى، معناه صار مثلى، وعاوننى على من يكفله، ويقال: قد أزرنى، أي كان لى ظهرا، وآزرنى أي صار لى وزيرا.
{فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ (39)} أي ارمى به في البحر، واليمّ معظّم البحر، قال العجّاج:
كباذخ اليمّ سقاه اليمّ

{وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي (39)} مجازه: جعلت لك محبة منى في صدور الناس، ويقول الرجل إذا أحبّ أخاه: ألقيت عليك رحمتى، أى محبتى.
{وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي (39)} مجازه ولتغذى ولتربّى على ما أريد وأحب، يقال: اتخذه لى على عينى، أي على ما أردت وهويت.
{عَلى مَنْ يَكْفُلُهُ (40)} أي يضمه، وقال اللّه {وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا} [3/ 37] أي ضمها.
{وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا (40)} مجازه: وابتليناك.
{أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا (45)} مجازه أن يقدم علينا ببسط وعقوبة ويعجل علينا، وكل متقدّم أو متعجّل فارط، قال:
قد فرط العلج علينا وعجل

وإذا أدخلوا في أوله الألف فقالوا أفرط علينا فان معناه اشتطّ وتعدّى.
{إِنَّنِي مَعَكُما (46)} مجازه أعينكما..
{فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى (51)} أي ما خبر الأمم الأولى وما حديثهم..
{لِأُولِي النُّهى (54)} مجازه لذوى الحجى واحدتها نهية، أي أحلام وعقول وانتهى إلى عقول أمرهم ورأيهم ومجاز قولهم لذى حجى أي لذى عقل ولبّ..
{مَكانًا سُوىً (58)} يضم أوله ويكسر وهو منقوص يجرى مجرى عدى وعدى، والمعنى النّصف، والوسط فيما بين القريتين. وقال موسى ابن جابر الحنفىّ:
وإنّ أبانا كان حلّ ببلدة سوى ** بين قيس قيس عيلان والفزر

والفزر سعد بن زيد مناة..
{مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ (59)} مجازه يوم العيد..
{وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59)} أي يساق الناس فيجتمعون من كل فجّ..
{فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ (61)} مجازه: فيهلكم، وفيه لغتان سحت الدهر والجدب بنى فلان، وقوم يقولون: أسحته بالألف وقال الفرزدق:
ومضّ زمان يا ابن مروان لم يدع ** من المال إلّا مسحت أو مجلّف

والمسحت المهلك، والمجلّف: الذي قد بقي منه بقية، ولم يدع، أي لم يبق وقال سويد بن أبى كاهل:
أرّق العين خيال لم يدع من ** سليمى ففوادى منتذع

لم يدع أي لم يستقر..
{إِنْ هذانِ لَساحِرانِ (63)} قال أبو عمرو وعيسى ويونس {إنّ هذين لساحران} في اللفظ وكتب {هذان} كما يزيدون وينقصون في الكتاب واللفظ صواب. وزعم أبو الخطّاب أنه سمع قوما من بنى كنانة وغيرهم يرفعون الاثنين في موضع الجر والنصب، قال بشر بن هلال {إِنْ} بمعنى الابتداء والإيجاب، ألا ترى أنها تعمل فيما يليها ولا تعمل فيما بعد الذي بعدها فترفع الخبر ولا تنصبه كما تنصب الاسم فكان مجازه {إِنْ هذانِ لَساحِرانِ} مجاز كلامين، مخرجه: إنه أي نعم، ثم قلت: هذان ساحران، ألا ترى أنهم يرفعون المشرك كقوله:
فمن يك أمسى بالمدينة رحله ** فإنّى وقيّار بها لغريب

(207) وقوله:
إنَّ شَرخ الشَّباب والشّعر الـ ** أسود ما لم يعاص كان جنونا

(291) وقوله:
إنّ السيوف غدوّها ورواحها ** تركت هوازن مثل قرن الأعضب

ويقول بعضهم {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [33/ 56] فيرفعون ملائكته على شركة الابتداء ولا يعملون فيها {إن}، وقال سمعت الفصحاء من المحرمين يقولون: إنّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.
وقرأها قوم على تخفيف نون {إن} وإسكانها وهو يجوز لأنهم قد أدخلوا اللام في الابتداء وهى فضل، قال:
أم الحليس لعجوز شهربه

وزعم قوم أنه لا يجوز لأنه إذا خفّف نون {إن} فلابد له من أن يدخل إلّا فيقول: إن هذان إلّا ساحران.
{بِطَرِيقَتِكُمُ (63)} مجازه بسنتكم ودينكم وما أنتم عليه، ويقال فلان حسن الطريقة..
{الْمُثْلى (63)} تأنيث الأمثل، يقال: خذ المثلى منهما، للأنثى، وخذ الأمثل منهما، إذا كان ذكرا..
{ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا (64)} أي صفوفا وله موضع آخر من قولهم: هل أتيت الصفّ اليوم يعنى المصلّى الذي يصلى فيه. قال أبو عبيدة قال أبو العرب الكليبى ما استطعت أن آتى الصف أمس يعنى المصلّى..
{فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً (67)} أي أضمر وأحسّ منهم خيفة، أي خوفا فذهبت الواو فصارت ياء من أجل كسرة الخاء..
{وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى (69)} أي حيث كان..
{لَكَبِيرُكُمُ (71)} أي معلمكم قال أبو عبيدة سمعت بعض المكّيين قال يقول: الغلام لمستأجره كبيرى.
{فِي جُذُوعِ النَّخْلِ (71)} أي على جذوع النخل، قال:
هم صلبوا العبدى في جذع نخلة ** فلا عطست شيبان إلّا بأجدعا

{فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ (72)} مجازه: اصنع ما أنت صانع وأنفذ ما أنت منفذ فقد قضى قضاؤك، وقال أبو ذؤيب:
وعليهما مسرودتان قضاهما ** داود أو صنع السوابغ تبّع

(62) أي صنعهما وأحكمهما..
{إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا (72)} وله موضع آخر في معنى إنما تخلّف هذه الحياة الدنيا، كقولك قضيت سفرى..
{أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي (77)} وقوم يجعلونه بغير ألف فيقولون: سريت وهو سرى الليل أي سير الليل..
{طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا (77)} متحرك الحروف بالفتحة والمعنى يابسا، ويقال: شاة يبس بفتح الباء أي يابسة ليس لها لبن، وبعضهم يسكّن الباء قال علقمة بن عبدة:
تخشخش أبدان الحديد عليهم كما ** خشخشت يبس الحصاد جنوب

{فَنَسِيَ أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا} [88- 89] مجازه أنه لا يرجع إليهم قولا ومن لم يضمر الهاء نصب {أَلَّا يَرْجِعُ}.
{لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ (91)} مجازه لن نزال، قال أوس بن ححر:
فما برحت خيل تثوب وتدّعى ** ويلحق منها لاحق وتقطّع

(363) أي فما زالت.
{ابْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي} (94) فتح بعضهم الميم لأنهم جعلوه اسمين بمنزلة خمسة عشر لأنهما اسمان فأجروهما مجرى اسم واحد كقولهم: هو جارى بيت بيت ولقيته كفّة كفّة، وكسر بعضهم الميم فقال يا ابن أمّ بغير ياء ولا تنوين كما فعلوا ذلك بقولهم: يا زيد، بغير تنوين، وقال زهير:
تبصّر خليلى هل ترى من ظعائن ** تحمّلن بالعلياء من فوق جرثم

وأطلق بعضهم ياء الاضافة لأنه جعل النداء في ابن فقال يا ابن أمي، لأنه يجعل النداء في ابن كما جعله في زيد ثم أظهر في الاسم الثاني ياء الاضافة كما قال:
يا ابن أمي ويا شقيّق نفسى ** أنت خلّيتنى لدهر شديد

وكذلك قال:
يا بنت عمى لاحنى الهواجر

فأطلق الياء وقال:
رجال ونسوان يودّون أننى ** وإياك نخزى يا ابن عمّ ونفضح

فلم يطلق ياء الإضافة وجرها بعضهم وفتحها آخرون..
{لَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي}:
(94) مجازه لم تسمع قولى ولم تنتظر. وفى آية أخرى {لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً} [9/ 10] أي لا يراقبون..
{فَما خَطْبُكَ (95)} أي ما بالك وشأنك وأمرك واحد. قال رؤبة:
والعبد حيّان بن ذات القنب ** يا عجبا ما خطبه وخطبى

{قال بصرت بما لم تبصروا به (96)} أي علمت ما لم تعلموه وبصرت فعلت من البصيرة فصرت بها عالما بصيرا ولها موضع آخر قوم يقولون بصرت وأبصرت سواء بمنزلة سرعت وأسرعت ماشيت..
{فَقَبَضْتُ قَبْضَةً (96)} أي أخذت ملء جمع كفّى وقبضت قبضة أي.
تناولت بأطراف أصابعى. {سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96)} أي زينت له وأغوته، يقال: إنك لتسوّل لفلان سوء عمله، أي تزيّن له..
{لا مِساسَ (97)} إذا كسرت الميم دخلها النصب والجرّ والرفع بالتنوين في مواضعهن وهى هاهنا منفية فلذلك نصبتها بغير تنوين قال الجعدىّ:
فأصبح من ذاك كالسامرىّ ** إذ قال موسى له لا مساسا

وقال القلاخ بن حزن المنقرىّ:
ووتّر الأساور القياسا

صغديّة تنتزع الأنفاسا

حتى يقول الأزد لا مساسا

وهو المماسة والمخالطة، ومن فتح الميم جعله اسما منه فلم يدخلها نصب ولا رفع وكسر آخرها بغير تنوين، كقوله:
تميم كرهط السامرىّ وقوله ** ألا لا يريد السامري مساس

جرّ بغير تنوين وهو في موضع نصب لأنه أجرى مجرى قطام وحذام.
ونزال إذا فتحوا أوله وقال زهير:
ولنعم حشر الدّرع أنت إذا ** دعيت نزال ولجّ في الذّعر

وإن كسروا أوله دخله الرفع والنصب والجر والتنوين في مواضعها وهو المنازلة.
{الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفًا (97)} يفتح أوله قوم إذا ألقوا منه إحدى اللامين ويجزمون اللام الباقية لأنهم يدعونها على حالها في التضعيف قبل التخفيف كقولك:
ظلت، وقوم يكسرون الظاء إذا حذفوا اللام المكسورة فيحولون عليها كسرة اللام فيقولون: ظلت عليه، وقد تحذف العرب التضعيف قال:
خلا أنّ العتاق من المطايا ** أحسن به فهن إليه شوس

أراد أحسن به..
{لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا} (97) مجازه: لنقذفنّه ولنذرينّه وكل شيء وضعته في منسف ثم طيّرت عنه غباره بيديك أو قشوره فقد نسفته أيضا، وما زلنا ننسف منذ اليوم أي نمشى، وفى آية أخرى {فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفًا} [20/ 105].
{وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا} (98) مجازه: أحاط به علما وعلمه، ويقال: لا أسع لهذا الذي تدعونى إليه، أي لا أقوم به ولا أقوى له، قال أبو زبيد:
حمّال أثقال أهل الودّ آونة ** أعطيهم الجهد منى بله ما أسع

يقول: أعطيهم على الجهد منى بله، يقول: فدع ما أسع له وأحيط به وأقدر عليه فأناله حينئذ أعطى..
{كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ (99)} مجازه نأثره.